قالوا عن الدكتور محمد منصور

[[img]img%28200,218%29]file:///C:/Users/Yahya/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png[/img[/img]]


كان الدكتور منصور بسيطَ الكف،
رحبَ الصدر، موطأَ الأكناف ، سَهلَ الخُلق، كريمَ الطباع، غيثاً مغيثاً، وبحراً
زخوراً، ضحوكَ السن، بشيرَ الوجه، باديَ القبول غيرَ عبوس ، يستقبلك بطلاقة ،
ويحييك ببشر ، ويستدبرك بكرم غيب وجميل سر، تبهجك طلاقتُه، ويرضيك بشرُه، ريَّان
من العقل، راجح الحلم، ثاقب الرأي، طيب الخلق، محصَّن الطبيعة، معطاء غير سائل،
كاسٍ من كل مكرمة، عارٍ من كل ملامة، إن سُئل بذل، وإن قال فعل، الجميل لديه
معتاد، والفضل منه مبدوء ومعاد، هو ملح الأرض وعمارتها، يصل ببشره قبل أن يصل
ببره، وهو بحر من العلوم ممدود بسبعة أبحر، العلم حشو ثيابه، والأدب ملء إهابِه ،
هو شخص الأدب ماثلاً، ولسان العلم قائلاً ، كان ذا مِرَّة ، حصيفَ العقل، قويَّ
الذات، ذا فِراسة قَلما تخطئ، عالماً بطبائع الخَلق، يعطي كل واحد قدر استحقاقه،
فكان يرى بنور الله، يرى بعين عقله ما لا يرى بعين رأسه، يرى بأول رأيه آخرَ الأمر
، وكان أعقلَ من أن يُخْدَع وأفضلَ من أن يَخْدَع ،لم يكن بالخِبِّ ولا الخِبُّ
يخدعه. وكان عاصماً لمن حوله من الخطأ والزلل، وليس هو بالمعصوم ولكن لم نر في
معناه مِثلَه قط. كان متبوعا غيرَ تابع، كأنه علم في رأسه نار. هو عالم بتصاريف
الأيام ، نافذ في مجال التحصيل والتمييز، له هِمَّة علا جناحها إلى عَنَان السماء،
وامتد صباحها من شرق إلى غرب، لا يتعاظمه إشرافُ الأمر إذا أَخطَرَه بفِكرِه،
هِمَّتُه أبعدُ من مَنَاطِ الفَرْقَد، وأعلى من منكب الجوزاء، قد جد واجتهد ، وشمر
عن ساق الجد ما أطاق، قد ركب الصعب والذَّلول، وهو فرد دهره ، وشمس عصره ، ونسيج
وَحده، كان في قوم هو صدرهم وبدرهم، ومِن عليه يدور أمرهم، كأنهم فلك هو قطبه،
وجسد هو قلبه.


حَليمٌ إذا ما الحلمُ زَيَّن أهلَه مع الحلمِ في وجه العدو مهيب


من رآه بديهةً هابه ، ومن
خالطه معرفةً أحبه، لم يزل بيننا محموداً حتى أتانا خبرُ رحيله، فرحل عنا كما
عهدناه محموداً. كان خبراً عَزَّ على النفوس مسمعُه، وأثَّر في القلوب موقعُه.


وما كان موته موتَ واحدٍ ولكن بنيانَ قومٍ تَهَدَّمَا


فما أعظمَه مفقوداً، وما
أكرمَه ملحوداً ، لقد رُزِئْنا من(الدكتورمنصور) عالماً في شخص ، وأُمَّةً في
نَفْس، مضى والمحاسنُ تبكيه، والمناقِبُ تُعَزَّى فيه.





العيون لما قرَّت به أسخنها
فيه ريبُ الـمَنُون، ولما شُرِحت به الصدورُ قبضها بفقده المقدورُ. لو وُقِيَ من
الموت في زماننا عزيزُ قومٍ لعِزَّتِه، أو كبيرٌ بأولاده وأسرتِه، لكان (الدكتور
منصور) أحقَّ من وُقِي، وأَوْلى مَن فُدِي، ولكنْ هو الدهر لا يُعجَب من
طَوَارِقِه، ولا يُنكَر هجومُ بَوَائقِه. وكأن الشاعر يقصده حين قال:





رُدُّوا عـلـي
بــَـيـَانـى بـَـعـد (مـنـصـورِ) إنـى
عَـيِــيـتُ وأَعْـيـا الـشِّعْرُ مــجـهـودى


لبـيـكَ يا مُـؤنِـــسَ
الْــمَـوتـى ومُــوحِــشَـنا يـا
فـارسَ الـعـِـلمِ و الْــهَــيــجـاءِ والجُــودِ


لـقـد نَزَحْـتَ
عـن الدنيا كما نَزَحَت عــنـهـا
لــَيـَالِــيـك مِـن بِــيــضٍ ومـن سُـودِ


تـجـرى الســلاسةُ
فـى أثـنـاءِ مَـنــطِـقِهِ تـحتَ الـفَـصــاحـةِ جَـرْىَ المـاء
فى الـعُودِ


إنْ هُدَّ
رُكنُك مَنكوباً فقدرَفَعَت لـك الـفــضـيـلـةُ رُكــناً غيرَ مـهـدودِ


لــَو أنــصَــفــوا
أَودَعُـــوه جَـــوفَ لـــؤلـــؤةٍ مِن كَنـزِ حِكـمته لا جوفَ أُخدودِ


وكــفَّــــنـــوه
بــدَرْجٍ مــن صـــحــائــفِــه أو وَاضـحٍ
مــن قـمــيــص الصبـح مــقــدودِ


وأنــزلـوه
بــأُفـــقٍ مـن مَـطَالِــعِــــه فوق الكواكـب لاتحـت الجـلامـيـدِ


ونـاشـدوا
الشـمسَ أن تــنــعى مَـحَاسنَه
لـلـشرق والــغــرب و ألأمــصــار و الـبِــيـدِ


أقـــول للـملإ الـغادى بـموكــبــه والـنـاس مـا بـيـن مـــكــبــود و مـــفـــؤودِ


غُـضـُّوا العيونَ فإن الروحَ يصحبكم مــع الــمــلائـــك تــكريــمـاً لـمــقــصــودِ


(منصورُ)إنى لأَسـتَـحيـيك فـى كَلِمِى حـيـاً و مـيـتـاً و إن أبـدعــتُ تــقــصــيدى


فـاعـذِرْ مـديحى
و اعذِرْ فيـك قـائــلَـه كـلاهـمـا
بـيـن مـضــعــوفٍ و مــحـدودِ





أو كما قال القائل:


لـِـلـَّـه دَرُّكَ كــنـــتَ مِــن رَجُــلٍ لــو أمـــهَــلـَـتـْك غَــوائـِـلُ
الأَجـَـلِ


جَــمُّ المـَــحَـــامِــدِ غـيرُ مُـــتـَّــهمٍ جـَــمُّ الــتــواضــع غـيرُ مُـبتـَـذَلِ


يا دولـــةَ الأخْـــلاقِ رافـِـــــــلـَــــــةً مِـــن عــالـِـمٍ فــى أبـْـهَــجِ
الحـُــلَـلِ


يــا مُـــرسـِلَ الأمْــثـَـالِ يـَـضْـربُــهــا قــد عَــزَّ بــعـدك مُـرسِــلُ
الـمـَثَـلِ


يـــا عَــــارِضَ الآراءِ صـــائـِــبـــةً يَرمــى بـِـهِــن مـَـقَـــاتـِـلَ
الخَــــطَـــــلِ


شَــغَــلَـــتـْـكَ عـن دُنــيــاك أربــعــةٌ والــمَـرءُ مــن دُنــــيـــاهُ فــى
شُــغــُلِ


حــــــقٌ تــُـنــَــاصِـره
ومَــفــــــخَـرةٌ
تــــمـــشــى إلــيـهـا غـيرَ مُـنـــتَـحِـــلِ


وحـــقــائـــقٌ لـِــلــعِــلمِ تـَـنــشُـدُهَا ما لِــلــحَكـيم بِــهـِـنَّ مـن
قِــبَـــلِ


وفَـضِـيـلَــةٌ أَعْــيـَـتْ سِــواكَ فــلـَـم تـَـــمْـــدُد إلــيــه يــدٌ ولـــم
يـَـصِــــلِ





فاللهم لا تحرمنا خيرَ ما عندك لشَرِّ ما عندنا , وإن لم تتقبل تعبنا و
نصبنا فلا تحرمنا أجرَ المصاب على مصيبته , و لا تفتنا بعده و اغفر اللهم لنا وله.




يـحيى فتحى أحـمد إسماعيل


طالب بقسم
اللغة الألمانية,



الفرقة
الرابعة(2008-2009م)



كلية
اللغات والترجمة,


جامعة الأزهر